التبرعات هي شريان الحياة للعمل الخيري، ولكن التحدي الأكبر يكمن في توجيه هذه التبرعات بطريقة تضمن تحقيق الأثر الأكبر والأكثر استدامة.
في سوريا، تعود الكثيرون على تقديم التبرعات بشكل مباشر للأفراد أو العائلات المحتاجة، لكن لتحقيق تأثير أوسع وأكثر استدامة، علينا تبني نماذج جديدة تتماشى مع مفاهيم العمل الإنساني المعاصر، مثل التركيز على التعليم، التدريب، وإنشاء مشاريع تنموية بدلاً من الاقتصار على تقديم المساعدات العاجلة فقط.
التمويل الجماعي أصبح أداة قوية لتحقيق تأثير أكبر في العمل الخيري. وفقًا للإحصائيات العالمية، تم جمع حوالي 34 مليار دولار من خلال منصات التمويل الجماعي في عام 2023 فقط، حيث شهدت التبرعات عبر هذه المنصات نموًا مستمرًا.
في سياق سوريا، يمكن للتمويل الجماعي أن يساعد في توسيع نطاق المشاريع التنموية بدلاً من تقديم المساعدات العينية المحدودة.
ولتحقيق هذا الأمر يجب أن نوجه التبرعات نحو المشاريع التي تخلق أثراً طويل الأمد، مثل التعليم، الصحة، وتمكين الشباب. على سبيل المثال، تمويل برامج التدريب المهني يتيح للأفراد اكتساب مهارات تدر عليهم دخلاً مستدامًا، مما يقلل من اعتمادهم على المساعدات في المستقبل.
كما يمكن تحسين كفاءة التبرعات من خلال استخدام منصات تبرع شفافة تُظهر للمتبرعين كيفية استخدام أموالهم في الوقت الفعلي. منصات مثل LaunchGood وGoFundMe تقدم هذه الخدمة، مما يزيد من الثقة بين المتبرع والجهة المستفيدة.
ما هي مؤهلات الجمعيات الخيرية القادرة على إدارة التبرعات بشكل أفضل؟
1. الشفافية والمساءلة: الجمعيات التي تعتمد على التقارير المالية الدورية وتقدم معلومات واضحة للمتبرعين حول كيفية استخدام التبرعات هي الأكثر قدرة على بناء ثقة المتبرعين.
2. خبرة في إدارة المشاريع: الجمعيات التي لديها فريق متخصص في إدارة المشاريع التنموية، مثل تلك التي تعمل في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية، هي الأقدر على تحويل التبرعات إلى نتائج ملموسة ومستدامة.
3. شراكات مع منظمات محلية ودولية: الجمعيات التي تستطيع العمل بالتعاون مع منظمات أخرى تكون أكثر فاعلية في توجيه التبرعات حيث تُحدث أكبر فرق، بفضل قدرتها على تبادل الموارد والخبرات.
نصيحة للمتبرعين
عند التبرع، من المهم البحث عن الجمعيات التي توفر تقارير شفافة حول كيفية استخدام الأموال، والتي تركز على تحقيق أثر مستدام. بدلاً من التبرع مرة واحدة، فكر في التبرع على فترات منتظمة لزيادة الأثر على المدى الطويل. احرص على دعم المشاريع التي تساهم في بناء القدرات، مثل تمويل التعليم أو الرعاية الصحية.
نصيحة للجمعيات الخيرية
لضمان كفاءة إدارة التبرعات وزيادة ثقة المتبرعين، يجب أن تركز الجمعيات على تحقيق الشفافية القصوى من خلال مشاركة تقارير مالية وتفصيلية دورية حول كيفية استخدام التبرعات. كما ينبغي السعي نحو بناء قدرات الفرق المحلية لضمان تنفيذ المشاريع بأعلى مستوى من الاحترافية.
تحقيق الأثر الأكبر من التبرعات يتطلب تغييرًا في العقلية، سواء من المتبرعين أو الجمعيات الخيرية. يجب أن نتحول من التركيز على تقديم المساعدات العاجلة فقط إلى تبني مشاريع تنموية مستدامة تحدث تغييراً حقيقياً في حياة الناس.
مع التكنولوجيا، التمويل الجماعي، وإدارة فعالة للتبرعات، يمكننا معاً بناء مستقبل أفضل.
رائد حمد
27-01-2025