للمرأة دورٌ محوريٌ في المجتمع، وخاصة في ظل الأزمات، حيث تتحمل مسؤوليات إضافية مثل رعاية الأسرة وتدبير شؤون المنزل في ظل غياب المعيل أو ضعف الدخل. ولكن بالرغم من هذه الأدوار الجوهرية، فإن النساء في سوريا غالباً ما يواجهن التهميش في مختلف جوانب الحياة، سواء في المنزل أو العمل أو حتى في مجال العمل الإنساني.
في المنزل: العديد من النساء ما زلن يواجهن تهميشاً في منازلهن، حيث يُنظر إليهن على أنهن غير قادرات على اتخاذ القرارات الكبرى أو المسؤوليات المالية. في بعض الأحيان، يتم الحد من دور المرأة إلى الرعاية المنزلية فقط، بينما يُحجم عن مشاركتها في الأمور الأسرية الأكثر تعقيداً.
في العمل: تتعرض النساء أيضاً لمحدودية الفرص في سوق العمل، حيث يواجهن صعوبات في الحصول على وظائف مناسبة، وأحيانًا يتم تفضيل الرجال على النساء في بيئات العمل التقليدية. كما أن الفجوة في الأجور والقيود الاجتماعية تعيق تقدم المرأة المهني.
في العمل الإنساني: بالرغم من ازدياد عدد النساء العاملات في المجال الإنساني في سوريا، إلا أنهن لا يزلن يواجهن تهميشاً في المناصب القيادية وصنع القرار. يتم تعيينهن غالباً في أدوار داعمة دون أن يُسمح لهن بالتأثير بشكل مباشر على السياسات أو الخطط الاستراتيجية للعمل الإنساني. النساء أكثر فهماً لاحتياجاتهن واحتياجات أسرهن، وبالتالي فإن دمج المرأة في الفرق الميدانية الإنسانية يضمن تقديم خدمات أكثر ملاءمة وكرامة للنساء الأخريات.
إن تعزيز حماية ودور المرأة في العمل الخيري والإنساني لا يتعارض مع ثقافة المجتمع وعاداته الإيجابية. في الحقيقة، يمكن تحقيق ذلك من خلال الاستفادة من القيم الثقافية التي تعزز مكانة المرأة كعمود أساسي للأسرة والمجتمع. على سبيل المثال:
تعزيز قيم الاحترام والتقدير: يمكننا استثمار القيم المجتمعية التي تقدر المرأة وتعزز مكانتها كأم وزوجة وشريكة، وتوسيع هذه القيم لتشمل دورها في العمل والمشاركة المجتمعية.
مواجهة العادات السلبية: في نفس الوقت، يجب أن نواجه العادات السلبية مثل تقليل فرص التعليم للفتيات أو منع المرأة من المشاركة في القرارات الأسرية. تعزيز التعليم وتوعية المجتمع بدور المرأة في التنمية والاستقرار هو مفتاح للتغيير الإيجابي.
حماية المرأة ليست فقط مسألة عدالة وحقوق، بل هي عنصر رئيسي في نجاح العمل الإنساني. النساء في الأزمات يلعبن دوراً مهماً في رعاية الأطفال والأسر المتضررة، وعندما يتم تمكينهن وحمايتهن، يكون لذلك تأثير إيجابي مباشر على المجتمع بأسره. إليك بعض الأمثلة:
برامج التمكين الاقتصادي: على سبيل المثال، برامج التدريب التي تستهدف النساء لتطوير مهاراتهن العملية تساعدهن على إعالة أسرهن بكرامة. هذه البرامج تمكّن النساء من بناء دخل ثابت والمساهمة في استقرار الأسرة، مما يعزز من صمود المجتمع.
حماية النساء من العنف: عندما تتبنى المشاريع الإنسانية سياسات واضحة لحماية النساء من العنف القائم على النوع الاجتماعي، فإن ذلك يساعد في تقليل حالات الاستغلال والإساءة. البيئة الآمنة للمرأة في المناطق المتضررة تؤدي إلى تحسين جودة حياتهن وزيادة مشاركتهن في إعادة بناء المجتمع.
لتغيير نظرة المجتمع نحو دور المرأة في مراكز القيادة وصنع القرار، نحتاج إلى تبني نهج متكامل يشمل:
1. توعية المجتمع: من خلال حملات إعلامية وتثقيفية توضح أهمية وجود النساء في أماكن صناعة القرار. النساء لهن القدرة على تقديم رؤى وفهم أعمق لاحتياجات المجتمع، خاصة فيما يتعلق بالمرأة والطفل، وهو ما ينعكس إيجابياً على جودة القرارات المتخذة.
2. التمثيل النسائي في المناصب القيادية: إدراج النساء في مجالس الإدارة والمناصب القيادية في المنظمات الإنسانية والخيرية يُعد خطوة ضرورية لإظهار قدراتهن على التأثير الإيجابي في صناعة القرار.
3. التدريب والتمكين: توفير برامج تدريبية للنساء لزيادة مهاراتهن القيادية والإدارية، مما يمكنهن من تولي مناصب مهمة في المجال الإنساني.
4. قصص نجاح نسائية: عرض قصص نجاح نساء سوريات في القيادة أو العمل الإنساني يساهم في إلهام المجتمع وتغيير الصورة النمطية حول قدرات النساء.
ختامًا، حماية المرأة وتمكينها من القيام بدورها بشكل فعال لا يعني إحداث قطيعة مع الثقافة المجتمعية، بل هو تطور إيجابي يحافظ على القيم الإيجابية ويعزز من دور المرأة في بناء مجتمع أكثر استدامة وكرامة.
رائد حمد
20-01-2025