يُعد العمل الإنساني واجباً أخلاقياً واجتماعياً في المجتمعات المتضررة من الأزمات مثل سوريا.
يتطلب هذا العمل استجابة سريعة وفعّالة للتحديات الإنسانية المتزايدة، لكن مع الالتزام بمبادئ العمل الإنساني مثل الحياد، الاستقلالية، والشفافية.
ورغم أن العمل الخيري التقليدي في سوريا كان قد لعب دوراً مهماً في الماضي في تحفيف أعباء المعيشة على السكان، إلا أن الاستجابة للأزمات الحديثة تحتاج إلى معايير ومفاهيم أعمق تركز على حقوق السكان وتحقيق الأثر الإيجابي المستدام.
من أهم المبادئ التي يقوم عليها العمل الإنساني هو ضمان حقوق السكان. هذه الحقوق تشمل حقهم في الحصول على المساعدة المناسبة والكرامة في تلقيها.
على سبيل المثال، البحث عن طرق لتقديم المساعدة من دون الحاجة للطوابير الطويلة أو كشف هوية الأشخاص دون موافقتهم وبصورة تضمن كرامتهم، كما ان المساعدة عليها أن تلبي الاحتياجات المختلفة للأشخاص، فكما نركز على الجانب المادي من الاحتياج علينا النظر إلى الجانب النفسي والاجتماعي للاحتياجات، كما أن الاحتياجات يجب أن تشمل مختلف شرائح المجتمع بكل تنوعه وتعتبر التقييمات القائمة على قرار رب الأسرة أو قادة المجتمع تقييمات مجحفة لكثير من الأشخاص حيث لا تتضمن النتائج احتياجات فئات كثيرة كالأطفال والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة وربما النازحين.
العمل الخيري التقليدي في سوريا كان يركز غالبًا على الاستجابة الفورية للحاجات الطارئة، مثل توزيع الطعام والملابس. ولكن لتحقيق أثر إيجابي طويل الأمد، يجب أن تركز المساعدات على التمكين وبناء القدرات. على سبيل المثال، برامج تدريبية تهدف إلى تعليم النساء الحرف اليدوية أو ورش عمل حول المهارات الزراعية، ساهمت في توفير مصادر دخل مستدامة للأسر المستفيدة، بدلاً من الاعتماد الدائم على المساعدات.
هذا النوع من التدخلات يضمن أن تكون المساعدة أكثر من مجرد استجابة آنية، بل تسهم في تحسين ظروف الحياة على المدى البعيد، مما يزيد من الأثر الإيجابي على المجتمع.
تُعتبر الاستدامة أحد التحديات الرئيسية في العمل الإنساني. في ظل الأزمات المستمرة، يجب ألا تقتصر المساعدات على الحاجات المؤقتة، بل يجب أن تهدف إلى تعزيز قدرة المجتمعات على الصمود والاعتماد على الذات.
مع مرور الزمن تتحول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى سبب من أسباب توقف نمو المجتمع، لذلك يجب العمل بمبدأ عم الضرر وتجنب التأثير السلبي للمساعدات، والتركيز على جانب الاستدامة وتنمية قدرات المجتمعات.
كما تلعب الشفافية دوراً كبيراً في بناء الثقة بين الجمعيات والمجتمع. عندما يعلم المتبرعون والسكان أين تذهب الأموال وكيف تُستخدم، يزداد الدعم الشعبي وتتعزز المشاركة المجتمعية.
بعض المنظمات في سوريا اتخذت خطوات لتكون أكثر شفافية من خلال نشر تقارير دورية على مواقعها الإلكترونية توضح كيف تم إنفاق التبرعات، مما أعطى المتبرعين والسكان ثقة بأن الأموال تُستخدم بفعالية وكفاءة.
في الوقت ذاته، لا يمكن إنكار التحديات المتعلقة بثقافة التبرع في سوريا، حيث غالبًا ما يكون التبرع قائمًا على العلاقات الشخصية أو الدينية. هذه الثقافة تضعف أحياناً بناء الثقة مع الجمعيات، خاصة إذا لم يكن هناك وضوح في كيفية استخدام الأموال. لقد أدى ذلك إلى أزمة ثقة بين المجتمع والجمعيات الخيرية، ما يجعل البعض يفضل تقديم المساعدة بشكل مباشر بدلاً من الاعتماد على الجمعيات.
للتغلب على هذا التحدي، تحتاج الجمعيات إلى تعزيز الشفافية وتقديم تقارير واضحة وملموسة حول الأثر الإيجابي الذي تحدثه المساعدات، ليس فقط على المستوى المادي، بل أيضًا على مستوى تحسين حياة السكان واستدامة المشاريع.
رائد حمد
15-01-2025